قسنطينة، مدينة الجسور المعلقة: الجزائر قبل عام 1830
قسنطينة ، المعروفة باسم مدينة الجسور المعلقة ، هي مدينة تاريخية وعاصمة شرق الجزائر. تقع قسنطينة على بعد 431 كيلومترا شرقي العاصمة الجزائر ، في وسط منطقة خصبة على مفترق طرق مهمة. وهي محاطة بالعديد من المدن مثل سطيف وباتنة وتبسة وجيجل وسكيكدة وعنابة.
قسنطينة هي واحدة من أقدم مدن العالم و قد شيدت على هضبة بارتفاع 640 مترًا (2100 قدم) فوق مستوى سطح البحر. تتميز المدينة القديمة بكونها مبنية على صخرة من الكلس الصلب. ويحيط بالمدينة واد عميق حيث يسيل وادي الرمال و يفصل جانبي المدينة الذان يتصلان عبر سبعة جسور ، بما في ذلك جسر سيدي مسيد الذي يرتفع 175 مترا. في عام 2010 ، تم افتتاح خط تلفريك بطول إجمالي يبلغ 2.3 كم يربط بين الأجزاء الشرقية والغربية من المدينة. وفي عام 2014 تم افتتاح أحدث الجسور المعاقة في مدينة قسنطينة و أطلق عليه اسم صالح باي (1725-1792)، أحد بايات شرق الجزائر. بسبب هذه الجسور يطلق على قسنطينة اسم مدينة الجسور المعلقة.
تتمتع قسنطينة بتاريخ غني ومتنوع و بمناظر خلابة ، مما يجعلها وجهة سياحية مهمة في الجزائر.
تاريخ المدينة القديم
أسس الفينيقيون المدينة وأطلقوا عليها اسم سيوا (المدينة الملكية). وخلال القرن الثالث قبل الميلاد، كانت المدينة تحت حكم غايا (أو قايا) ملك قبائل ماسيلي، ونوميديا الشرقية وحليف جمهورية قرطاجة. خلال الحرب البونيقية الثانية ، صيفاقس، ملك قبيلة ماسيسيليا في غرب نوميديا غزا المدينة. ثم جعلها عاصمته ، و أطلق عليها اسم سيرتا. العديد من ملوك البربر المشهورين حكموا مدينة قسنطينة قبل و خلال العصر الروماني ، مثل الملك ماسينيسا (238 – 148 قبل الميلاد) و الملك يوغرطة (168-104 قبل الميلاد).
في عام 311 م دمر الرومان مدينة سيرتا بالكامل خلال حرب أهلية، ثم قاموا بإعادة بنائها في عام 313 م ، وأطلقوا عليها اسم “كولونيا كونستانتينيانا” أو “قسطنطينا” تكريماً لقسطنطين الكبير.
الحقبة الإسلامية
مع تمدد الفتوحات الإسلامية في شمال إفريقيا في القرن الثامن الميلادي أصبحت مدينة قسنطينة جزءًا من إفريقية الإسلامية. في بدايات الحكم الإسلامي تمتعت المدينة بمستوى عال من الاستقلال حتى القرن التاسع. وفي القرن العاشر أصبحت قسنطينة مركزًا مهمًا لتعليم و نشر الإسلام.
وقد دخلت المدينة في حكم الدولة الزيرية التي حكمت أجزاء واسعة من شمال إفريقيا بين القرن العاشر و الثاني عشر. بعد ذلك خضعت المدينة للدولة الحمادية التي انطلقت من قلعة بني حماد و حكمت مناطق في شرق الجزائر و غرب تونس. خلال القرن 13، سيطرت الدولة الحفصية في تونس على المدينة واستمرت في حكمها حتى دخول الأتراك العثمانيين في عام 1568 م.
في العصر الحديث
اليوم ، قسنطينة هي مدينة مزدحمة يبلغ عدد سكانها أكثر من 450.000 نسمة. و تشكل قلب منطقة زراعية مزدهرة ومتنوعة ، ومركزا لتجارة الحبوب. بالإضافة إلى ذلك ، يوجد بالمدينةالعديد من الصناعات المرتبطة بالإنتاج الزراعي مثل مصنع للجرارات، ومطاحن دقيق وصناعات تنتج المنسوجات مثل الصوف والكتان والسلع الجلدية.
أشهر المعالم
تضم مدينة قسنطينة العديد من المعالم التاريخية والثقافية الهامة. أشهرها القصبة ، وهي قلعة محصنة على قمة تل يعود تاريخها إلى القرن العاشر الميلادي. وتشتمل القصبة على العديد من المعالم الهامة، مثل قصر أحمد باي، الذي تم بناؤه بين 1825 و 1835. وهذا القصر يحتوي على أكثر من 130 غرفة وعدد من الأروقة والساحات والقاعات. وقد تم تصميمه ليكون مقرا لحاكم بايلك الشرق العثماني. لكن أحمد باي استخدمه فقط لمدة سنتين قبل استخدامه كمقر للحاكم العسكري الفرنسي بعد احتلال المدينة عام 1937. وقد تم تحويل هذا القصر عام 2010 إلى المتحف الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية.
كما يشكل جسر سيدي مسيد أحد أهم معالم مدينةقسنطينة السياحية. وهو جسر معلق ، تم بناؤه عام 1912 فوق نهر الرمال، ويعد أعلى جسر في المدينة و في إفريقيا.
تعتبر مدينة تيديس الرومانية الأثرية موقعًا تاريخيًا مهمًا آخر على بعد 30 كيلومترا من مدينة قسنطينة. و هي تمتد على مساحة 40 هكتارا وتشتمل على العديد من الأطلال والمباني ألأثرية المحفوظة جيدًا ، بما في ذلك المسرح والكنيسة والسوق..
ختاماً، فإن مدينة قسنطينة هي وجهة سياحية مهمة ذات تاريخ غني ومتنوع ينعكس في معالمها التاريخية وهندستها المعمارية وفي تراثها الثقافي من موسيقى وأزياء تقليدية ومأكولات الشعبية، .
مرجع الكتالوج: Yvert & Tellier 804